الحُزن والألم… لا يفَرِّقان بينَ أنماط البشَر

منذ عدة أشهر مضت وصلتني رسالة عبر البريد الإلكتروني تحوي رابطاً للعبة فلاشية تقتضي بجمع التفاح المتساقط من أعلى ومحاولة عدم تفويت الـ 100 تفاحة!
فضولي لإستكشاف الأشياء حولي والعلوم يكاد يقضي على فضولي لمعرفة البشر أنفسهم، يدي توجهت للموقع الرئيسي وقمت بتجربة بقية الألعاب عشوائياً. لعبة واحدة جذبتني أكثر وأخالها أول من وقع الإختيار عليها يومها. أيقونتها عبارة عن زهرة وردية محمرّة. الخلفيات الرسومية لهذه اللعبة غاية في النعومة والخيال. في بادىء الأمر لم أهتد لكيفية التحكم بالزجاجة المتدلية من البالون البرتقالي، الزجاجة ترتفع والزهور تسقط، فهمت أنه عليّ أن ألتقط الزهور، ولكن كيف؟ لاحقاً لمحت مروحة صغيرة هي من عليّ التحكم بها لتغيير مسار البالون في الجهات الأربعة، يمين-يسار، أعلى-أسفل؛ بمقتضى فهم الظواهر الفيزيائية طبعاً وقوة دفع الهواء للأجسام. إذن، ماهو الأمر المميز فيها؟ لحد هذه النقطة لا عبقرية فيها ولا جديد أو مُلفت. بعد أن أتقنتُ شيئاً من ميكانيكية اللعب، بتركيز وشيء من هدوء إضافي للهدوء المُحاطة بها أجواء اللعبة، كانت الموسيقى رائعة ومريحة، حزينة في الوقت نفسه!
تركتها فترات وعدتُ إليها فترات أخرى تحدياً لإمكانياتي في حصد معدلات أكبر. يوماً بعد يوم، وعندما أشعر بالوحدة أو الحزن كنت أتحرك صوبها وأمضي وقتي بالاستمتاع بين تجميع الزهور لأهبها لشخص في رأسي وبين موسيقاها التي باتت سلوتي في الليالي الكئيبة. وهكذا، أصبحتْ موسيقى تابعة للعبة هي ملاذي لأسترخي... حتى أني صنعتُ ثيماً (Theme) لجوالي يحمل مشهد النهاية الأخير...

تمضي الأيام والشهور وقد نسيتها بشكلٍ ما، وحينما دق ناقوس الوحدة، بتاريخ 1 سبتمبر تحديداً؛ زارني الحُزن مُجَدِداً وحدتي لغياب أحبتي، تركتُ الزهور تتساقط بغية استشعار تلك الترنيمة الآسرة لنفسي، كأنها تحكيني، تصفني، تعرف دموعي وتفضحني... انتفضتُ من فوري وقررتُ الحصول على المقطع الموسيقي -ذو الدقيقتين- ليكون نغمة أساسية لهاتفي الجديد! وهنا لحظة الصفر تبدأ.
مباشرة لمحرك البحث غوغل، ذلك الباحث الهَرِم، لم يكن العثور على مطلبي بالأمر السهل أبداً، لكن هيهات إلا أن أحصل عليها، وفعلت! بعد ساعات حثيثة من البحث والتصفح وجدتها أخيراً كمقطعٍ مصوّرٍ عند ابن عم غوغل، يوتيوب. لا أريدها فيديو بل صوت فقط. كان لقرائتي للردود وتعليقات المشاهدين أثرٌ طيب حيث وجدتُ اسم المقطع الحقيقي مسبوقاً بإسم مؤلفه، لقد وصلتُ أخيراً! نعم وصلت والبحث بأسم المؤلف/المعزوفة أسهل بمئات المرات، بطبيعة الحال، من اسم اللعبة نفسها، والذي يحكي القصة كاملة. غبطة الحصول على المقطع الصوتي تناثرت أشلاء على شفير الحزن والمأساة الإنسانية، تتبعتُ مسمى المقطع لأصاب بالذهول وأُفجع! خلفَ هذا المقطع قصة مؤلمة، كارثة وقعت وألتهمت أرواح أبرياء عددهم 320 نفساً على الأقل، الكثير منهم أطفال في مدرسة إبتدائية... الصدمة الكبرى أو فلنسميها "المُفارقة" العظمى تكمن في التاريخ، 1 سبتمبر، في هذا العام تكتمل الذكرى الخامسة للكارثة عدداً تماماً، مجزرة مدرسة أطفال بيسلان.

للبحث وحب الإضطلاع والمعرفة آثارها في حياتنا، نعرف ما لا نعرفه ونفهم ما استغلق علينا إبصاره، ونستدل على نقاط الجذب للأشياء لنكتشف ما خلف الأستار من حقائق مُغيّبَة عنَّا إما لتقصيرٍ منا أو حجب قسري... اليوم أنا أستمع للمعزوفة بشكل آخر وطعم آخر، رؤية مختلفة، أعرف قصتها وما حملت من أوجاع ليست أوجاعي الخاصة، كمن حلّ لغز أو شفرة ما وعليه دفع ثمن وتحمل تبعات اكتشاف السرّ الحزين.

تنسيم كتب:مديرنا انت حقا اثريت الموضوع كما اشادت اختنا الغالية اسمومة
جد متميز ومتالق في كل مواضيعك
ولحسني حظي لكوني بمنتداك
انت حقا مدير متميز متوصل ومترابط مع اسرة المنتدى الغالي
وفقك الله و احاطك بحماه وبركاته
شكرا لك على كل المجهودات المبذولة

zineb كتب:لا اله الا الله ................................